تصف نصوص خط المسند التاجر بلفظة "مكر" والتجار أدنى طبقة حسب السلم الاجتماعي اليمني القديم من الملوك والأقيال رغم أن هولاء الأقيال والملوك كانوا تجاراً كذلك ولم يفهم الباحثون ما إذا كان هناك طبقات بين التجار في المجتمع القديم. كانوا يتاجرون بما تنتجه الأرض من بخور ولبان ومر وكانوا محتكرين لتجارتها في العالم القديم وكانت سبباً ان يغزو أغسطس قيصر البلاد العربية السعيدة بعد عقده "صداقة" حسب مفاهيم الرومان مع الأنباط وهذا ما قاله سترابو، أن الإمبراطور أراد السبئيين أن يصبحوا أصدقاءًا لروما وهي ليست صداقة بالمعنى المعروف بل المقصود منها تبعية وخضوع لشروط الرومان والمتاجرة بالبضائع العربية الجنوبية بأرخص الأسعارلم يتم حلم الرومان وفنى غالب جيش أيليوس غالوس ووضع الرومان باللائمة على العطش وقلة المياه رغم وفرة المياه الناتجة من السدود وعلى دليلهم النبطي. وللباحثين في العصر الحديث عدة اعتراضات فسترابو جغرافي ولكنه سياسي كذلك ويأمل الباحثون اكتشاف كتابات بخط المسند تشير إلى هذه الحملة للوقوف على سبب إخفاقها فالنصوص المكتشفة تمثل جزءًا بسيطًا من تاريخ البلاد وعُثر على أغلبه من سياح لا بعثات إسكتشافية منظمة لمعرفة الجانب الآخر من الحكاية خاصة أن الرومان غيروا أسلوبهم في التعامل مع "العربية السعيدة" عقب هذه الحملة وبدأوا بدعم مملكة أكسوم على الضفة المقابلة لليمن بعد حملة رومانية أخرى أخفقت كذلك بقيادة ابن سيبتيموس سيفيروس رغم أنه نجح في ضم في العربية الصخرية (أقصى الشمال الغربي) دومة الجندل تحديدًا
كان السبئيون وكل اليمنيين القدماء يتاجرون بما تنتجه أرضهم ويشترونه من الهند وكانت لهم سيطرة على سواحل أفريقيا كونها أحد مصادر اللبان والبخور كذلك وقد ذكر اليونان أن سيطرتهم كانت تمتد حتى تنزانيا وردت في العهد القديم عدة نصوص تلمح إلى قوافل السبئيين وتجارتهم منها أنهم سيأتون بالذهب معظمين لمسيح اليهود المنتظر وهذه النصوص توافق الوارد عنهم في كتب الرومان واليونانيين ما شأنه أنهم تجار بخور وطيب وذهب وأحجار كريمة وعن تواجد سبئي في تيماء وعن سياراتهم (قوافلهم) وهذه النصوص تشير ايضا عن تواجد سبئي في شمال غرب الجزيرة العربية تؤيدها نصوص آشورية ولكنها كانت مستعمرات تجارية لا أكثر فكل هذه النصوص تشير أنهم كانوا يتاجرون بالطيب والبخور وكلها مزروعات كانوا يأتون بها من اليمن حيث موطنهم فأرض الحجر وتيماء ليست بأراض زراعية، فيُحتمل أن ملكة سبأ الوارد ذكرها في العهد القديم والقرآن إن ثبت وجودها والملك سليمان من ناحية أثرية، كانت ملكة على إحدى هذه المستعمرات الكتاب المقدس لم يذكر طبيعة الأرض التي قدمت منها ولكن القرآن ذكر أن مسكن سبأ "جنتان عن يمين وشمال" وهي دلالة أنها أرض زراعية واليمن وجنوب الجزيرة بشكل عام أكثر خصوبة من سواها من الأقاليم
وقد وصف العبرانيون السبئيين بأنهم أمة بعيدة خلال تهديد يهوه لأهل صور لبنان ببيعهم كعبيد إلى السبئيين "الأمة البعيدة" وهو ما يستنبط من خلاله أن مراكز السبئيين الرئيسية لم تكن قريبة منهم وما كان القريب إلا فرعاً أو مستعمرة ودلالة أن السبئيين كانوا من شراة العبيد والرقيق وهذه نصوص تدل على تجارة السبئيين وإن كان لا يُنبغي لها أن تؤخذ حرفياً لما يفسدها من التوجهات الدينية والسياسية المختلفة. أشار اليونان إلى تجار السبئيين وأنهم كانوا يتاجرون بالطيب وله نفس اللفظة في نصوص خط المسند والذهب والفضة ويصدرونها لأسواق العراق أو "عبر نهرن" (عبر النهر) كما كان يسميها السبئيين بالإضافة للمر أو "أمرر" في النصوص القديمة والصبر وهذه كلها كانت تنتج في اليمن وشرق أفريقيا أما المسك والعود فقد كان السبئيون وكل العرب الجنوبيين يستوردونه من الهند إذا كان تجار مملكة حضرموت أكثر اتصالاً بالهند منهم ولهم سيطرة على ظفار، ولا شك أن السبئيين كانوا يشترونه منهم ومن ثم يتاجرون به والعلاقة الاقتصادية بين الممالك الأربعة في اليمن القديم لا تزال غير واضحة إلا أنه في فترات السلم كان هناك تعاون اقتصادي من نوع ما وقد سار السبئيون وقبلهم المعينيين وفق سياسة توسع تجارية فكانوا يسيطرون على غرب الجزيرة العربية من خلال مستعمرات ومهدوا الطرق للقوافل ووضعوا حراسات على هذه المواضع لحراستها من الأعراب وغالبهم كانوا قطاع طرق ولا شك أن أهل يثرب كانوا إحدى هذه الأغراس التي غرسها السبئيون على الطريق التجارية وهذا للقوافل المتجهة للشام ومن ثم إلى مصر أما للقوافل المتجهة نحو العراق فقد مهدوا الطريق من نجران مرورٌا بنجد حيث مملكة كندة القديمة لحماية القوافل المتجهة للعراق وفارس كان هناك صناعات مثل الدباغة والخياطة والحدادة والنجارة فالسبئيون كانوا أهل حاضرة وليسوا أعراباً ولكن لا توجد دلائل أنهم صدَّروا مصنوعاتهم للخارج باستثناء الجزيرة العربية حيث ورد في كتب التراث عن جودة السيوف اليمانية وأن بردة النبي محمد ونعاله كانت من اليمن ويُطلق على الذهب لفظة "ذهبن" وعلى الفضة "صرفن" في نصوص خط المسند ورغم كتابات اليونان التي وصفت آنية الأكل والشرب عند اليمنيين بأنها ذهب وفضة، الغالب أنها مبالغة منهم فقد أُستخدم الرصاص لصنع الأكواب والصحون ونوع من السيوف كذلك بالإضافة للتجارة والزراعة، فإن موانئ اليمن وبالذات ميناء المخا وعدن كانا من أهم الموانئ في العالم ومصدر دخل مرتفع من الضرائب التي يفرضها السبئيون على السفن وفرصة للتجار للتواصل مع العالم الخارجي وتبادل المنتوجات معهم
يتبع